befirst
دور منظمة الصحة العالمية في تحسين السياسة الدوائية : تحليل وأهمية المبادئ الصحية والتوجيهات الدولية

دور منظمة الصحة العالمية في تحسين السياسة الدوائية : تحليل وأهمية المبادئ الصحية والتوجيهات الدولية

تقدم هذه المقالة نظرة شاملة على دور منظمة الصحة العالمية في تطوير السياسات الدوائية وتعزيز الصحة العامة على مستوى العالم. سنتناول تلك الجهود والتحديات التي تواجه الدول النامية في تنفيذ استراتيجيات دوائية فعالة ونقدم نظرة على الأثر الإيجابي الذي يمكن أن تحققه منظمة الصحة العالمية على الصحة العامة والرعاية الصحية العالمية.

تحظى السياسة الدوائية بأهمية كبيرة ضمن السياسات الصحية للدول حول العالم. في القرون الأخيرة، ازداد اهتمام العديد من الدول بتطوير وتنفيذ استراتيجيات دوائية فعالة، وذلك نظرًا للأهمية المتزايدة لقطاع الرعاية الصحية وتوفير الأدوية في الدول النامية. هذه الدول تواجه التحديات الناجمة عن التخلف السابق والتبعية الاقتصادية والسياسية، مما يجعل وضع استراتيجية دوائية فعّالة أمرًا حاسمًا لضمان تقديم الرعاية الصحية للمواطنين.

تصميم استراتيجية دوائية ناجحة يتطلب التفكير بعناية في الأدوار المختلفة للقطاع العام والقطاع الخاص في توفير الرعاية الصحية والأدوية. ومع ذلك، تواجه العديد من البلدان النامية تحديات كبيرة في تنفيذ هذه الاستراتيجيات، منها التعامل مع العلاقات بين المؤسسات الصحية والحكومة والقطاع الخاص، والتحديات المتعلقة بالرواتب والأجور للعاملين في القطاع الصحي، والتأثيرات الاجتماعية والاقتصادية على الأفراد، وغياب فكرة التخطيط الاستراتيجي المتعمق لهذا القطاع.

من هنا، يظهر دور منظمة الصحة العالمية بوضوح كجهة رئيسية تعمل على تقديم التوجيه والمساعدة في تطوير وتنفيذ سياسات صحية ودوائية فعالة. تعتمد هذه المنظمة على مزيج من الخبرة والمعرفة لتوجيه الدول نحو تحسين منظومات الرعاية الصحية والوصول إلى الأدوية الضرورية. تلعب منظمة الصحة العالمية دورًا رئيسيًا في توحيد المعايير الدولية للأدوية وتقديم الدعم الفني والمشورة للدول في تنفيذ استراتيجيات دوائية ناجحة

منظمة الصحة العالمية (WHO) هي منظمة تابعة للأمم المتحدة تأسست في عام 1948، وهي مخصصة لتعزيز الصحة ورفاهية الناس في جميع أنحاء العالم. دورها ومسؤولياتها تشمل العديد من المجالات المهمة في مجال الصحة والدوائية. إليكم بعض الجوانب الرئيسية لدور منظمة الصحة العالمية:

  1. تطوير السياسات الصحية: منظمة الصحة العالمية تقدم توجيهات ومشورة للدول حول تطوير وتنفيذ سياسات صحية فعالة. تقوم بتقديم الدعم الفني والتوجيه لمساعدة الدول في تحسين منظوماتها الصحية وتطوير استراتيجيات صحية تناسب احتياجاتها.
  2. مراقبة الصحة العالمية: تلعب WHO دورًا مهمًا في مراقبة الوباء والأمراض المعدية على الصعيدين الوطني والعالمي. تساعد في تتبع انتشار الأمراض وتقديم تقارير معلوماتية للدول لاتخاذ التدابير الضرورية.
  3. تطوير الأدوية واللقاحات: تقوم منظمة الصحة العالمية بدعم البحث والتطوير في مجال الأدوية واللقاحات. تعمل على تعزيز الوصول إلى الأدوية الضرورية وضمان سلامتها وفعاليتها.
  4. تعزيز الصحة العامة: تسعى WHO إلى تعزيز التوعية بقضايا الصحة العامة والوقاية من الأمراض وتحفيز الناس على اتخاذ تدابير للمحافظة على صحتهم.
  5. التعاون الدولي: منظمة الصحة العالمية تعمل على تعزيز التعاون الدولي في مجال الصحة، وتشجع على التنسيق بين الدول لمواجهة التحديات الصحية العالمية مثل الأوبئة والأمراض المزمنة.
  6. تحسين الوصول إلى الرعاية الصحية: تعمل WHO على تعزيز الوصول المنصف والمنصف للخدمات الصحية، خاصة في البلدان النامية التي تواجه تحديات كبيرة في هذا الصدد.
  7. معايير وتوجيهات دولية: تقوم منظمة الصحة العالمية بوضع معايير وتوجيهات دولية في مجموعة متنوعة من المجالات الصحية، بما في ذلك توجيهات حول الأدوية والتوجيهات الصحية العامة.

دستور الأدوية العالمي:

من أهم برامج منظمة الصحة العالمية والذي مازالت توليه عناية فائقة يعتبر نشر دستور الأدوية العالمي، والعمل على توحيده، نظراً لما ظهر من اختلافات في دساتير الأدوية القومية المستقلة المختلفة التي كان لها انعكاسات خطرة ومربكة.

إن دساتير الأدوية: هي عبارة عن لوائح تهدف إلى توحيد المعايير والمواصفات والمتطلبات للمواد الدولية، كما تتضمن وسائل الفحص والتحليل والأجهزة والكواشف، ويجدد دستور الأدوية كل خمس سنوات، كما يصدر عنه لوائح وملاحق كل سنة يتضمن المستجدات في هذا القطاع الهام.

ويتألف دستور الأدوية من قسمين:

القسم الأول:

يتضمن مواصفات المواد الأولية بشكل كامل ويدعى Monograph   أي صفات المادة ووزنها الجزيئي وصيغتها، وذاتيتها، ودرجة انصهارها، ومعاييرها …. و توضع حدود النسب المسموح بها، وتتراوح عادة بين %۹۸٪ وحتى ۱۰۲٪ وذلك بسبب الأخطاء الشخصية أو عدم نقاوة المحلات المستخدمة.

القسم الثاني:

يبحث في مواصفات الأشكال الصيدلانية الجاهزة المحضرة من المواد الأولية، كما يحوي المواصفات الخاصة وطرائق التحليل والأجهزة والكيماويات والكواشف التي تجري على هذه المستحضرات

 لقد عقدت منظمة الصحة العالمية مؤتمرات عدة بدءاً من 1847 وحتى وقتنا الحاضر، وحاولت إصدار أكثر من دستور وتعديله وتوحيد المصطلحات الطبية والصيدلة وكذلك قوة تركيز الأدوية وتركيبتها كما تم إصدار ملاحق متعددة لتغطي باستمرار جميع المستجدات في قطاع الطب والصيدلة بما يتوافق مع تطورات البحث العلمي والتكنولوجي.

مهام وميزات دستور الأدوية الدولي:

-الحصول على مواصفات بشأن النقاوة والفعالية للمواد الكيميائية والدوائية، وأشكال الجرعات المتعلقة بذلك. ويجب على هذه المواصفات أن تكون ملائمة تفي بالغرض من أجل ضمان السلامة والفعالية لهذه المنتجات ومن أجل إمكانية تكرار الحصول على نفس النتائج حين تستخدم سريرياً، وليس بالضرورة أن تكون هذه المواصفات صارمة لأن ذلك سيؤدي إلى زيادة نفقات المنتجات. وفي حالة تقديم منتجات حديثة لأول مرة، يجب تنمية المواصفات وتطويرها لضمان توافقها مع العينات التي في البداية بموجبها، خصائص سميتها وفعاليتها السريرية وسلامتها.

– تدعم مثل هذه المواصفات بطرق اختبار ومعايير متيسرة يمكن تطبيقها ، مع العناية والاهتمام بالتسهيلات المتوفرة في مختبرات الرقابة في الدول غير النامية .

– تزويد طرق عامة للتحليل يمكن تطبيقها ليس فقط بالنسبة للمواد المتضمنة في دستور الأدوية، ولكن كذلك بالنسبة للمنتجات الجديدة المقدمة للتسجيل.

– تيسر حين يكون ذلك ملائم، مرونة للطرق والمتطلبات التي تسهل استعمال دستور الأدوية الدولي على أساس دولي شامل وما يتعلق بأشكال الجرعة على وجه الخصوص.

-تقدم كل هذه العناصر والمواضيع بطريقة يمكن للدول الأعضاء أن تتبنى أو تقتبس بطريقة رسمية دستور الأدوية الدولي أو أجزاء مشتقة منه.


توجهت منظمة الصحة العالمية بتوجيهات دقيقة نحو تعزيز معايير التصنيع الدوائي الجيد والرقابة النوعية على الدواء (GMP)، والتي تلعب دوراً أساسياً في تحسين جودة الإنتاج وسلامة الأدوية. هذه التوجيهات تشمل العناية الفائقة بكل مرحلة من مراحل الإنتاج، بدءاً من تخصيص مساحات مناسبة في العمل وفصلها عن الأقسام الأخرى، وتجنب الخطأ من خلال تطبيق نظام عنونة واضح لكافة الأدوات والأوعية والعبوات والمراحل الإنتاجية. يجب أيضاً تجنب إنتاج أدوية متشابهة أو ذات تراكيز مختلفة في نفس الوقت لمنع التلوث المتصالب. وتجنب التلوث يتم من خلال اتباع شروط الإنتاج الصحي وتطبيق مختلف أساليب التعقيم. إلى جانب ذلك، يشمل التوجيه النظام العالي للتهوية والقيام بفحوصات دورية للعمال وتوثيق العمليات بوضوح لضمان المراقبة النوعية الجيدة على الدواء المحضر.

المرجع:

كتاب ادارة الاعمال والاقتصاد الصيدلاني للدكتور أحمد يوسفي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *