
التفاوض في التوظيف: هل نحن نحقق مكاسب فعلية؟
خلال مقابلة توظيف لإحدى الوظائف المهمة، عبّر المرشّح عن توقعاته بالحصول على راتب شهري قدره 12 ألفًا. ورغم إقرار مسؤول الموارد البشرية بأن المرشّح مناسب تمامًا للمنصب، أوضح أن الميزانية المتاحة لا تسمح بهذا الرقم. وتحت ضغط الحاجة، وافق المرشّح على خفض توقعاته إلى 10 آلاف، ليقترح المسؤول مجددًا تخفيضًا إضافيًا إلى 9 آلاف، وهو ما قُبل به على مضض.
لاحقًا، نقل مسؤول الموارد البشرية للإدارة العليا خبر التعاقد مع المرشّح بمرتب يقل بـ6 آلاف عن الميزانية المعتمدة البالغة 15 ألفًا، معتبرًا ذلك نجاحًا تفاوضيًا يستحق الثناء والمكافأة.
لكنّ ما يُعدّ “توفيرًا” على الورق، كانت له تكلفة باهظة على أرض الواقع. فبمجرد التحاق الموظف الجديد بالعمل، بدأ يشعر بعدم الإنصاف حين اكتشف تفاوت الرواتب، ما ولّد لديه شعورًا بعدم الانتماء وفقدان الثقة. وبعد شهرين فقط، قرّر الاستقالة بحثًا عن فرصة أكثر عدالة.
هذا القرار أعاد المؤسسة إلى نقطة البداية: إعلان وظيفة، مقابلات، تدريب، وفترة انتقالية تؤثر على إنتاجية الفريق وتُكلّف المزيد من الوقت والموارد.
تقليل التكاليف لا يعني بالضرورة تحقيق الكفاءة. وإذا كانت المؤسسات تسعى حقًا لاستقطاب الكفاءات والاحتفاظ بها، فعليها أن تقدّرهم بالشكل اللائق منذ البداية.
دفع رواتب عادلة لا يُعدّ خسارة، بل استثمارًا استراتيجيًا في استقرار الفريق ونمو الأداء.