
الامتثال لقواعد التصنيع حول العالم
في غرفة نظيفة تُضاء بضوء بارد، يقف عاملٌ داخل بدلة معقمة. يمدّ يده إلى لوحة التحكم في المفاعل الحيوي، يعدّل درجة الحموضة بلمسة خفيفة، ثم يترك القلم يرقد على الطاولة. بعد ساعة كاملة، يعود، يمسك الدفتر، ويسجّل القيمة. القراءة صحيحة. الدفعة آمنة. لكن التوقيت متأخر. إدخالة واحدة صغيرة، تتحول إلى مرآة تعكس الامتثال
يدخل ثلاثة مفتشين من أبواب مختلفة، يرون نفس الصفحة، لكن كلٌّ منهم يقرأ قصة أخرى.الأول يأتي من واشنطن، يضع حقيبته على الأرض ويقول بهدوء: «أرني التوقيت». بالنسبة له، التأخير ليس خطأً إدارياً، بل مشكلة في الثقة. يفتح دفتر ALCOA، يبحث عن المشكلة، ويطلب تحليلاً للسبب الجذري. يريد أن يرى CAPA فعالا، وإشرافاً إدارياً يقظاً. لا يبحث عن مذنب، بل عن دليل أن النظام يمسك بزمام الأمور قبل أن تُفلت.
من بروكسل، يدخل الثاني، يضع نظارته ويسأل: «كيف مرّ هذا عبر توقيع الشخص المؤهل؟». يمشي عكس التيار، يتتبع الإجراءات كخيوط عنكبوت، يسأل عن التدقيق المتبادل، عن ضمان الجودة قبل الإطلاق. بالنسبة له، الفشل حدث قبل ساعة من التوقيع، في مكان ما بين الإجراء والتفكير. يريد أن يعرف: هل كان النظام نائماً أم يقظاً؟
أما الثالث، فيأتي من طوكيو، يجلس على ركبتيه أمام لوحة التحكم، يراقب حركة يد العامل في خياله. لا يسأل «من أخطأ؟»، بل «كيف نمنع الخطأ القادم؟». ينظر إلى تدريب العامل، إلى تدفق الإجراءات، إلى الانسجام بين الإنسان والآلة. يرى الموثوقية كسينفونية: كل خطوة تُدعم الأخرى، لا عقاب، بل وقاية.ثلاثة أعين على نفس الورقة، ثلاث قصص مختلفة. معايير التصنيع الجيد قد تكون مكتوبة بنفس الحبر، لكنها تُقرأ بلهجات الثقافة.القائد الحكيم لا يبني نظاماً لرضى مفتش واحد. يبني نظاماً يهمس للأمريكي: «أنا أسيطر». ويطمئن الأوروبي: «أنا أراقب». وللياباني: «أنا متناغم». يصمم للنية، لا للورق.
فإذا عاد الثلاثة غداً، هل ستتحدث غرفتك بلغة ثقة واحدة، أم ستبقى تترجم بين ثلاث لهجات من الامتثال؟أي لهجة تجد صعوبة في تعلّمها أنت؟